المغرب جدير بالترشح للأمانة العامة لليونسكو ولو كرهت مصر

Publié le par darouich abdeltif


المغرب جدير بالترشح للأمانة العامة لليونسكو ولو كرهت مصر!

        تعرف الساحة العربية نقاشا حادا حول الترشيحين العربيين المتبقيين لشغل منصب الأمانة العامة لمنظمة اليونسكو. وقد أذكت جذوة هذا النقاش دولة مصر التي تحاول وبكل الوسائل دفع الدولة المغربية  لسحب ترشيحها.  رغم أن الدولة المغربية كانت سباقة لترشيح ممثلتها في اليونسكو السيدة عزيزة بناني  قبل أن ترشح مصر وزير ثقافتها السيد فاروق حسني بخمسة أشهر. والدولة المغرية قدمت ترشيح ممثلتها بناء على معطيات موضوعية ترجح كفة السيدة بناني للفوز بهذا المنصب، فهذه السيدة استطاعت سنة 2001 الفوز، وبالإجماع، برئاسة المجلس التنفيذي لليونسكو حتى نهاية سنة 2003 . إن ممثلة المغرب-العربية المسلمة- حققت إجماعا قل نظيره خاصة أنه جاء بعد أحداث شتنبر 2001 بشهرين. والمغرب آثر أن يستثمر هذه الحظوة التي تمتاز بها السيدة بناني للظفر بكرسي الأمانة العامة لليونسكو الذي لم يسبق لأي عربي أن شغله. إلا أن مصر دخلت في منافسة غير شريفة مع المغرب، وطلبت منه كما فعلت من قبل مع دول عربية أخرى، سحب ترشيح ممثلته ليترك الفرصة لفاروق حسني لتمثيل العرب بدعوى أنه، ولا أحد غيره، يستطيع تمثيل العرب، وبأنه قضى عشرين سنة وزيرا للثقافة في المحروسة تعرف فيها على مثقفين ومفكرين من جميع الأقطار، وشهرته لا تضاهيها شهرة عكس ممثلة المغرب النكرة. واعتبر دبلوماسيون ومثقفون مصريون أن إبقاء المغرب على ترشيح ممثلته سفه وقلة لياقة وأدب تجاه الأخت الكبرى. وحتى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيظ- الذي يفرض عليه منصبه التحلي بنوع من المسؤولية والتحفظ، وركوب صهوة اللغة الدبلوماسية اللبقة والسلسة- لم يتمالك نفسه واعتبر أن المغرب اقترف جرما لا يدانى وهو يشاكس مصر ويبقي على ترشيح السيدة عزيزة بناني. وقال:( نحن الأحق بالمنصب بحكم عوامل التاريخ والجغرافيا) !!!.

- نتساءل عن أي تاريخ يتحدث السيد أبو الغيظ؟ وما هو التاريخ الذي يجعل من مصر أحق من دول أخرى بهذا المنصب؟..

-وعن أي جغرافيا يتحدث السيد الوزير؟ ما نعرفه هو أن  الجغرافيا الحقيقية تعترف للمغرب بهذه الأحقية أكثر من مصر.

إن المثير في هذه المناوشات هو هذا التورم الأنوي المركزي عند أشقائنا في مصر. فهم يعتبرون أن المغرب ليس له الحق في منافسة مصر. ويتجاهلون أنه دولة مستقلة لها الحق في ترشيح أي مواطن من مواطنيها ترى فيه أهلا لشغل أي منصب من المناصب الأممية.

وحجة مصر الأولى في محاولتها لثني المغرب أنها هي الأخت الكبرى، وأن رباط العروبة يقضي بأسبقيتها على غيرها من الدول العربية، وأن تمثيليتها لهذه البلدان أمر قائم ولا جدال فيه. وبما أن المصريين ذكروا التضامن العروبي في مواجهتهم للدولة المغربية. وجب علينا أن نذكرهم أنهم هم أول من تنكر لهذه الآصرة عندما أوهموا  الدكتور غازي القصيبي[1] بأنهم سحبوا مرشحهم حفاظا على وحدة الصف العربي والأخوة. وكم  كانت مفاجأة القصيبي كبيرة ومفجعة عندما اكتشف أن الدكتور إسماعيل سراج الدين ممثل مصر المنسحب تقدم للترشح باسم بوركينا فاسو والدانمارك !!. وهذا الممثل لم يقدم على هذا الترشيح إلا بمباركة دولته مصر طبعا !!. إن ورقة العروبة من الأوراق المحيرة في السياسة المصرية: فعندما تكون المحروسة في حالة حرجة تلعب ورقة العروبة والأخوة. وعندما تقرر فعل شيء لا تحتاج فيه إلى دعم البلدان العربية فإنها تخرج ورقتها الفرعونية والمتوسطية، وتتنكر لكل ما هو عربي: لنراجع ما كتبه طه حسين وخليل عبد الكريم وغيرهما عن محروستهم، وما فاه به السادات عندما قاطعه العرب بعدما معاهدة كامب ديفيد.

أما حجة مصر الثانية  فهي التي تؤكد على علو كعب فاروق حسني، وقدرته على خدمة الثقافة الإنسانية خير خدمة فهو أحسن من ممثلة المغرب وأشهر منها. وهنا نجد أنفسنا مضطرين لتبيان "براعة" هذا الوزير الذي عمّر عقدين من الزمن على وزارة الثقافة في مصر عرفت فيها الثقافة والمثقفون المصريون أحلك أيامهم:

-إنه المسؤول المباشر عن حريق قصر ثقافة بني سويف الذي أزهق أرواح عشرات المثقفين الأبرياء سنة 2005. فكيف يمكن لشخص فشل في بناء مسرح جديد بطريقة سليمة، أن يرمم  ويحافظ على المآثر الإنسانية التي تحسب سنوات حياتها بالملايين...وهي المهمة الأساس لليونسكو؟ !.

-إنه وهو المرشح لمنظمة شعارها التسامح واحترام الاختلاف يأمر بمنع كتب مصرية كثيرة بدون حق. ويمارس الرقابة على كل فكر لا يساير هوى من عينوه وصيا على الثقافة في المحروسة. ويكفي أن نذكر الطريقة التي منع بها الأعمال  الروائية: "قبل وبعد" لتوفيق عبد الرحمن، و"أبناء الخطأ الرومانسي" لياسر شعبان، و"أحلام محرمة" لمحمود حامد.

 -إنه وهو المرشح للدفاع عن كرامة المبدعين تفرج بسادية لا نظير لها على خراب بيت الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي، وبيْع أثاثه في المزاد العلني إرضاء لسدنة فكر الظلام.

-إن السيد فاروق حسني وبشهادة أكبر مثقفي مصر لا يشرف تشريحه منظمة مثل منظمة اليونسكو، وهذا رأي عبر عنه بصراحة الروائي الكبير صنع الله إبراهيم[2] ، والمثقف صبري حافظ الذي كتب  ساخراً: «إنّ الأونيسكو هي التي خصصت يوماً عالمياً للمسرح... وللوزير باع طويل في هذه المجال: فالمسرح المصري الذي كان في طليعة المسرح العربي انهار كلية في عهده ومعه حرية الإبداع وكرامة المبدعين).

        إننا ومن دون أن ندري نجد أنفسنا ندافع عن أشياء ما كنا لندافع عنها في مواطن أخرى. وسعينا الحثيث هو فقأ الدمل الأنوي المركزي المصري الذي يعتبر كل الدول العربية أريافا وهوامش[3]، مع أن هذه الهوامش التي تتحدث عنها المركزية المصرية باتت متونا... وبلغت أشدها ولا تدعي ما تدعيه مصر بأن تكون أما للدنيا بل هدفها الأسمى هو أن تكون أمًّا بارة بأبنائها فقط.

نتمنى ألا يسحب المغرب ترشيحه احتراما لمبدأ السيادة، ورفضا لأي وصاية باسم الأخوة والتاريخ المشترك وما يصاغ من كلام أجوف الدلالة.

 



[1] - المفكر والدبلوماسي السعودي الذي كان قد ترشح لخلافة  فيديريكو مايور على الأمانة العامة اليونسكو سنة 1998- 

[2]- الذي رفض جائزة الدولة المصرية سنة 2005 لأن فاروق حسني كان وراءها.

[3]- حسب رأي المفكر السعودي الكبير غازي القصيبي.


كتب هذه المقال قبل سحب المغرب لترشيحه، وهذا لن يغير من مقفنا شيئا

Publié dans abdeltifdarouich

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article