الديمقراطية المغربية: ديمقراطية المفارقات

Publié le par darouich abdeltif



 

المفارقة الأولى:

ما هي الطريقة المثلى التي يجب على المواطن الصالح إتباعها لرؤية أو مصافحة نجمه المفضل في الرياضة أو في الفن أو في السياسة؟

أن يرتكب جرما، ويعتقل. فالسجن سيختزل له المسافة، ويأتيه فنانه أو رياضيه أو رجل سياسته مهرولا يخطب وده ويعمل جاهدا على أخذ صورة معه.  فأخذ صورة مع سجين أكبر حلم يجري وراءه علية القوم، إن هذه الصور باتت مرجعا مهما وركنا أساسيا في البطاقات التعريفية وبطاقات الزيارة، فيجتهد هؤلاء لكي لا يضيعوا أي مناسبة أو حفل يقيمه المسجونون ليخطبوا ودهم. كم حلمت منذ نعومة أظافري أن آخذ صورة مع مطرب مغربي مشهور أحفظ أغانيه وأعرف كاتب كلماتها وملحنيها لكن دون جدوى وأنا المواطن الصالح الذي يخاف الله ويخاف المخزن وتبحث في ملفاته لن تجد إلا ملاحظة وحيدة مواطن ذو سيرة حسنة عند المعلم وعند المقدم وعند المخابرات من طنجة إلى الكويرة. وابن حينا الذي عات في الأرض فوضى وفسادا وسرق وقتل يأخذ صورة مع هذا الفنان عفوا الفنان يأخذ صورة مع ابن حينا وهذا الأخير لا يهتم بهذا الفنان ولا يعرف حتى وظيفته، وكم حلمت فتاة مغربية تعمل موظفة بسيطة لإحياء عرس مع عشيقها ويصوره مصور الحي بكاميرته لكن العوز حال دون تحقيق هذا الحلم وتزوجت في صمت وتمني النفس في تعويض هذا الحلم في حفل ختان ابنها . وترى ابنة حيها القاتلة لنفس بريئة متزوجة في السجن، ومصحوبة بأكبر موظفي الدولة، وشاهدها المغاربة في القناتين الوطنيتين محمولة على العمارية، وحتى الأسرة المكلومة شاهدت قاتلة ابنها، وهي التي كانت تظن أن القضاء سلب حرية من سلبت حياة الابن. 

هكذا هي ديمقراطيتنا: الدكاترة يُجرّون في الشوارع، ويضربون بوحشية عقابا لهم لأنهم قرؤوا، وثابروا، ونجحو،ا وحصلوا على أعلى الشهادات.ولأنهم وطالبوا بوظيفة صغيرة تسد حاجياتهم الأولية؛ يُجرّون في صمت وفي غياب وسائل الإعلام، التي تنقل في نفس اليوم، والوقت، حفل مسجوني بعض المدن، بحضور وزير الشغل والعدل، والتعليم وكل واحد من هؤلاء الوزراء يَِعدُ ويقدم الهدايا حتى وزير الداخلية الذي أرسل قواته لتضرب في صمت ،الدكاترة المعطلين يقف أمام الكاميرا وبعض من قواته يقدمون هدايا للمعتقلين.

مَنِ الأفضل وضعية هل المسجون الذي يعد في قوانين الدول الديمقراطية عدوا للمجتمع وقيمه ويجب أن يعاقب- شريطة أن توفر جميع الشروط والحقوق لتمر محاكمته بطريقة نزيهة دون ظلم أو تدخل- أم المواطن الصالح الذي يؤدي ضرائبه ويحترم نفسه والآخرين؟.  فهل فرنسا تعمل مع معتقليها مثل ما تعمله دولتنا التي لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تصل إلى مستوى ونزاهة قضاء فرنسا ؟،والأمثلة كثيرة عن الدول الديمقراطية التي تعامل سجناءها بطريقة عادية.

اسألوا ماما آسية[1] التي سلّمت رقم هاتفها بسخاء على المسجونين ليتصلوا بها إذا ما مسوا بسوء أو جور داخل السجن !! هل فعلت نفس الشيء مع معطلي الوطن ومظلوميه؟ اسألوها هل الموظف المغربي الصغير زار يوما ما مسرحا أو دخل قاعة سينما أو حظي بعناق أكبر مسؤولي المغرب؟ لصوص ومجرمو البلد لهم الحق في هذا: مغتصبو الأطفال وقاتلو الأنفس ومرتكبو الرذيلة وبائعو المخدرات وممارسو زنا المحارم والمعتدون على الأصول يجري الفنانون والرياضيون والسياسيون وراء ودهم في السجون على مضض حتى لا يُقصوا من روبورتاجات التلفزتين المغريتين ومن عروض المساهمة المغرية في حفلات السجون وبات الحضور إلى السجون بالنسبة للشخصيات العمومية ورقة النجاح والشهرة : من يشرعن من؟ الجواب السجين يعطي للشخصية العمومية الشرعية !!

ألم أعنون مقالي بديمقراطية المفارقات؟؟؟

إنني لست عدوا للسجناء ولا أريد أن يحرموا من شروط سجنية عادية ولكنني ضد من ميّع الديمقراطية وقيمها وتعامل بالمقلوب مع القيم الإنسانية، وروّج لقيم البلطجة والمحسوبية والشعبوية وووو.

المفارقة الثانية:

-وزير اشتراكي سابق تدخل لابنه ونجح في الدرك الملكي، وكسب أموالا وأملاكا لا تحصى من طنجة اعتقل مؤخرا في قضية بين الويدان. وقيل إن والده الاشتراكي المعروف بنزاهته، رفض زيارة ابنه المرتشي في السجن ولكن من كان وراء نجاح هذا الابن في الدرك؟ وهذا الوالد النزيه يعرف أن مرتب ابنه عادي جدا. ولم يتساءل يوما ما من أين لابنه بكل هذه الممتلكات؟، إنه سلوك وقح، لا يمكن أن يصدر إلا من إنسان وقح، رغم اشتراكيته !!!!.

-ابن وزير الفلاحة يقتل روحين في سنة واحدة! ، حوكم بسنة موقوفة التنفيذ!، ....

-ابن وزير داخلية سابق يسرق أموال القرض العقاري ولا أحد تابعه أو أقلق راحته.

-ابن زعيم اشتراكي راحل كان شعاره "إن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس"  يشغل اليوم مديرا عاما لأعتى شركات القروض التي تخنق أنفاس الموظفين البسطاء...ولا يتوانى في ملاحقتهم، وسجنهم، وإغراقهم في نسب فوائد لا يفرضها أكبر المرابين على وجه البسيطة!!!...فعلا إن مغرب الزعيم الاشتراكي الراحل الذي كان يدخن سيجارة الجيتان، ويشرب الويسكي الرخيص، ليس هو مغرب ابنه الذي يمارس الاشتراكية التي لم يقل بها لا ماركس،ولا لينين، ولاغرامشي الذي كان أثيرا عند والده

-ابن وزير المالية استفاد من مساعدات كبيرة جدا جدا جدا لإنشاء مقاولته وحصولها على عروض كثيرة في مراكش و في جميع المدن المغربية

-دواوين الوزراء  تعج بأكبر كسالى الوظيفة العمومية، ومنهم من حصل على وظيف، و لايعرف مكان وجود مقر شغله.  إنهم في هذه الدواوين يشغلون شيئا اسمه مستشار لتنضاف إلى أجورهم أجر المستشارية.

 

ولنا في مغربنا من المفارقات مآرب شتى، يتبع...

-المفارقة الثالثة أو مفارقة المفارقات :

(إدريس البصري الآفة الأولى من آفات التاريخ المغربي قبل الأوبئة والمجاعات):

أعترف أنني أكن كراهية لا تتصور، وحقدا، واحتقارا، وازدراء، واستصغارا، ورغبة في القصاص من أعتى معتوه عرفه تاريخ المغرب(إدريس البصري) الذي اقترف آثام في حق المغرب والمغاربة لم يقترفها ألذ أعداء هذا البلد. إنني أتذكر جرائمه الكثيرة وألعن الأيام التي جعلت منه رجلا مهما وصاحب أمر ونهي، ولكي لا أطيل على الكثيرين من مثلي الذين يودون محاسبة هذا النذل، حتى تستريح ضمائرهم، أعطي أمثلة قليلة من فضاعاته التي لا يمكن لأي كان أن يعدها ويحصيها.  وإذا حاول فرد القيام بهذا  فإن الوقت لن يكفيه، ولو سلخ من عمره عشرات السنين.فذنوب هذا الأخرق لا تدانى..

الجريمة الأولى والتي أعتبرها أكبر جرائمه:

لقد حرم البصري آلاف المغاربة من الحصول على جواز السفر في وقت كانت أوروبا مشرعة أبوابها ولا تطلب من المغاربة أي شيء. لقد فرض هذا المسخ الفيزا على الشباب المغربي المنحدر من الحواضر التي كان يكن لها حقدا دفينا، وحرم المغرب من مداخل لا تتصور، وحرم شبابا من الانعتاق من حياة العطالة والبؤس. وهاهم الآن يشيخون في أزقتهم بعدما كان لهم حلم المغادرة والرجوع إلى بلدهم غانمين. لقد مارس البصري وأعوانه حربا على الشباب المغربي وحرموه من حق حقوقه الدستورية وهو الحصول على جواز السفر. تصوروا معي لو أن هذا الحقير لم يحرم المئات من الشباب المغربي من مغادرة البلاد إلى أوروبا في سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي كم من عائلة ستكون مستورة وميسورة الحال، وكم من شاب سيعمل جادا لتسفير إخوانه وأفراد عائلته(ونحن نعرف مدى تشبث المغاربة بعائلاتهم وتآزرهم وتضامنهم) وكم من المداخل سيربحها المغرب من مهاجريه. إن البصري بفعله هذا يكون قد اقترف أكبر جريمة في حق المغرب وأبنائه؛ وهي أكبر من جرائمه الأخرى التي يركز عليها معارضوه: ذلك أن اعتقال فرد أو جماعة يهون أمام تجويع شعب بأكمله، وحرمان أبنائه من العيش الكريم.

إن هذا المعتوه وزبانيته تفننوا في خلق العراقيل أمام الشباب المغربي لكي لا يحصل على الجواز الذي هو حق من حقوقه: وكل منا يتذكر الأسئلة التي كان يطرحها عماله على المواطنين، والتي لا يطرحها إلا شخص ناقم وحاقد. كأن يسألوا شابا هل زار مدينة طاطا أو مدينة سيدي إيفني، وهو ابن البيضاء أو مراكش أو طنجة الفقير الذي لا يملك حتى ثمن بطاقة حافلة الركاب المؤدية إلى مركز مدينته وبالأحرى أن يذهب إلى هذه المدن النائية. ونتساءل هل أعوانه وهو نفسه يعرفون هذه المدن القصية المغربية حتى يفرضوا على طالب الجواز أن يزورها كشرط لتسلمه (=هذا الجواز البغيض). ؟؟؟؟

لا يمكن أن أنسى أبناء حينا الذين كانوا كلهم قوة وفتوة، و كيف كانوا يتقنون لغات متعددة، ويحملون شهادات تخول لهم الذهاب إلى أرض المهجر، والعيش في أمان. وهاهم الآن شاخوا ولم يبرحوا أحياءهم، وجوههم وشاخت قبل الأوان. ومنهم من فقد عقله، ومنهم من طردته عائلته من البيت، ومنهم من يتسول. والذين يحتفظون ببعض من الإباء يبيعون السجائر بالتقسيط والخضر في السوق المحلي، عارضين أنفسهم لمطاردات الشرطة، وأصحاب الحال الذين يفرضون عليهم إتاوات يومية.  هكذا أراد البصري لأبنائنا أن يكونوا ماسحي أحدية ومتسولين ومجنونين وحراقة...وهو يحصل على جواز سفره في قنصلية من قنصليات المغرب ويخلف قانونا هو نفسه وضعه...ويعيش في أوروبا التي حرم منها أبناءنا...

أقول لك يا خسيس : لا ارتاح لك ضمير، ولا بال، ورزقت الخوف والدهشة، وذقت مرارة محرومي وطننا(كتبت هذه الخواطر قبل وفاة إدريس البصري وهذا لن يغير رأيي في هذا الشخص)و

إن أقسى ما يلحق ببلد من ظلم هو أن يحكمه من يكره ذاكرته وذاته...إنه الحقد بعينه والجور والفساد....

إن البصري اكبر نذل، وأخس إنسان، عرفه التاريخ المغربي.

أنظروا ما فعله زبانيته المعتقلون حاليا في سجن عكاشة؛ إنهم مثله( تلامذته )في السرقة ،و استباحة المال العام.  أما ابنه هشام فحدث ولا حرج...

أتمنى من الإخوان الذين قرأوا هذه المفارقات، أن يعذروني على قلة الاهتمام باللغة وتصحيحها، وان ينضموا معي في تحرير عريضة تطالب بمحاكمة البصري على الجرم الذي عَرَضْتُهُ؛ أي حرمان آلاف المغاربة من حقهم في الحصول على جواز سفر، ومغادرة بلادهم في وقت كانت أبواب أوروبا لا زالت مفتوحة.  أمام جرائمه الأخرى فهناك من هو في مستوى فضحها ...ووو

Publié dans abdeltifdarouich

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article